هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟
تتنافس دول الخليج الغنية بالطاقة على أن تصبح مراكز للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مستفيدة من الطاقة الرخيصة لتشغيل كل شيء من مشاريع التنويع الاقتصادي إلى الخدمات الحكومية، وفقًا لما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز.
وحسب التقرير، أبرزت الصفقات التي تم الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة الشهر الماضي، طموحات كل من السعودية والإمارات للتحول إلى قوى عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي.
شراكات واستثمارات ضخمة
تتضمن المبادرات شراكة بين شركة إنفيديا الرائدة للرقائق الإلكترونية وهيومين Humain، مجموعة ذكاء اصطناعي مدعومة من الحكومة السعودية، التي تخطط لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار وجذب استثمارات من شركات التكنولوجيا الأميركية.
أما أبوظبي، فقد أعلنت عن إنشاء مراكز بيانات ضخمة لشركة أوبن إيه آي وشركات أميركية أخرى ضمن مشروع “ستارغيت”، كما تستثمر الإمارة، التي تدير 1.7 تريليون دولار من صناديق الثروة السيادية، مليارات الدولارات من خلال صندوق الذكاء الاصطناعي MGX، فيما افتتحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مركزًا في وادي السيليكون.
وأشار سام وينتر ليفي من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إلى أن دول الخليج تمتلك رأس المال والطاقة والإرادة السياسية، مضيفًا: “الشيء الوحيد الذي لم يكن يمتلكه الخليج هو الرقاقات والأشخاص ذوي المواهب. الآن، قد يمتلك الرقاقات.”
تحديات المهارات والبحث العلمي
يحذر الخبراء من أن طموحات المنطقة في الذكاء الاصطناعي قد تصطدم بنقص القوى العاملة الماهرة التي تمتلكها وادي السيليكون أو شنغهاي، بالإضافة إلى تأخر مخرجات البحث العلمي مقارنة بالدول الأخرى.
وتستثمر السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على عائدات الوقود الأحفوري المتقلبة، وتسعى لاستضافة مراكز البيانات الضخمة اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج قوية للذكاء الاصطناعي.
شركة هيومين تهدف إلى بناء “مصانع ذكاء اصطناعي” مدعومة بمئات الآلاف من رقاقات إنفيديا خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما تعهدت AMD الأميركية بتوفير الرقاقات والبرمجيات لمراكز البيانات الممتدة من السعودية إلى الولايات المتحدة ضمن مشروع قيمته 10 مليارات دولار.
وتعتمد دول الخليج على وفرة الأراضي والطاقة الرخيصة لتعويض درجات الحرارة المرتفعة في الصيف، رغم أن مزودي مراكز البيانات عادةً يفضلون المناطق الباردة.
ضعف الشركات المحلية في تطوير الذكاء الاصطناعي
على الرغم من الاستثمارات الضخمة، لا تمتلك دول الخليج شركات رائدة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي مثل أوبن إيه آي أو ديب سيك الصينية، وتفتقر إلى تركيز كبير من المواهب البحثية، وفق بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لذلك، لجذب أفضل الخبرات، تقدم دول الخليج حوافز مثل ضرائب منخفضة وتأشيرات ذهبية طويلة الأمد، مع سياسات تنظيمية مرنة. تظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الإمارات كانت ثالث أعلى دولة من حيث هجرة المهارات في الذكاء الاصطناعي بين 2019 و2024، بعد دول منخفضة الضرائب مثل لوكسمبورغ وقبرص.
شراكات غربية لتعزيز التطور التكنولوجي
تسعى دول الخليج إلى تعزيز تطلعاتها عبر شراكات مع جهات غربية. أعلنت مجموعة الذكاء الاصطناعي الإماراتية G42 مؤخرًا عن شراكتها مع شركة ميسترال لتطوير منصات وبنية تحتية للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تعاون مع شركة Cerebras الأميركية، واستثمار مايكروسوفت بمبلغ 1.5 مليار دولار لشراء حصة أقلية.
المخاطر والتحديات الأمنية
يحذر خبراء أميركيون من احتمال تسرب التكنولوجيا الأميركية إلى الصين، خاصة إذا اعتمدت دول الخليج على العمالة أو الشركات الصينية لتسريع مشاريعها، ما قد يفتح الباب لمخاطر أمنية، وفق ما صرح به جيمي غودريتش، كبير مستشاري تحليل التكنولوجيا في مؤسسة راند.
المصدر: فايننشال تايمز
