كلود 3 من أنثروبيك: خطوة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي نحو النضج والمسؤولية
في الوقت الذي تتسابق فيه شركات التكنولوجيا الكبرى على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وواقعية، كشفت شركة أنثروبيك (Anthropic) المدعومة من غوغل وأمازون عن الجيل الثالث من نماذجها المعروفة باسم كلود (Claude 3)، مؤكدة بذلك أن سباق الذكاء الاصطناعي لا يتوقف عند حدود التقنية فحسب، بل يمتد ليشمل التنافس في القيم والاستدامة والموثوقية.
الإصدار الجديد، المسمى Claude 3 Opus، وُصف من قبل الرئيس التنفيذي للشركة داريو أمودي بأنه “رولز رويس نماذج الذكاء الاصطناعي” في إشارة إلى دقته الفائقة وقدرته على معالجة مهام معرفية معقدة، مثل التحليل المالي أو تقييم البيانات القانونية الحساسة.
أداء يفوق المنافسين
وفقًا لتقارير رويترز، يتفوق “كلود 3 أوبوس” في العديد من الاختبارات على GPT-4 من “أوبن إيه آي” وGemini 1.0 من غوغل. ويعكس هذا التفوق انتقال المنافسة في وادي السيليكون من مجرد “من يُصدر الأسرع” إلى “من يُصدر الأدق والأكثر فائدة للمؤسسات”.
تُقدَّر كلفة استخدام النموذج بحوالي 15 دولارًا لكل مليون وحدة بيانات، أي أكثر من نماذج “جي بي تي”، وهو ما تبرره أنثروبيك بقدرة نموذجها على إنجاز المهام المعرفية عالية التعقيد، خاصة في المجالات التي تتطلب تحليلًا دقيقًا للمعلومات القانونية أو الاقتصادية.
نحو ذكاء اصطناعي متعدد الوسائط
تُعد سلسلة “كلود 3” أول إصدارات أنثروبيك متعددة الوسائط، أي أنها قادرة على فهم النصوص والصور معًا
خطوة مهمة في تطور الذكاء الاصطناعي نحو الفهم البصري للنصوص القانونية أو البيانات المالية. ومع ذلك، أوضحت الشركة أن النظام لن يُنتج الصور كما تفعل بعض النماذج الأخرى، لتجنب الانحرافات أو الأخطاء الأخلاقية التي وقعت فيها بعض الشركات المنافسة.
أين تكمن الأهمية؟
هذا التقدم ليس مجرد إنجاز تقني، بل يطرح تساؤلات قانونية وتنظيمية حول ملكية البيانات، المسؤولية عن المخرجات، والشفافية في النماذج التوليدية. فكل خطوة نحو ذكاء اصطناعي أكثر قوة تتطلب إطارًا قانونيًا يوازيها في الصرامة والمسؤولية.
من وجهة نظري، يمثل إطلاق “كلود 3” انتقالًا رمزيًا نحو مرحلة “الذكاء الاصطناعي الناضج” مرحلة تدرك فيها الشركات أن الجودة والاستدامة والقيم الأخلاقية ليست مجرد شعارات تسويقية، بل شروط أساسية لمستقبل آمن ومسؤول في عالم الذكاء الاصطناعي.
