| |

الذكاء الاصطناعي يشكّك في أزمة المناخ.. والعلماء يحذرون من وهم الحياد

في خطوة مثيرة للجدل، أعدّ برنامج ذكاء اصطناعي يُدعى غروك 3” طوّرته شركة تابعة لإيلون ماسك دراسة تشكّك في استنتاجات خبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري. الدراسة، التي حملت عنوان “إعادة تقييم نقدي لفرضية الاحترار المناخي المرتبط بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون”، رفضت العلاقة المباشرة بين استهلاك الوقود الأحفوري وارتفاع درجات الحرارة العالمية، وهو ما أثار قلق العلماء حول مصداقية الأبحاث التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

انتشرت الدراسة بسرعة عبر منصات التواصل، خاصة بين المتشككين في التغير المناخي. وكان من أبرز من روّج لها عالم الكيمياء الحيوية الأميركي روبرت مالون، المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل حول اللقاحات، إذ وصف نتائج “غروك 3” بأنها “نهاية الخدعة المناخية”. وقد حصدت منشوراته ملايين التفاعلات، ما أثار موجة واسعة من النقاش حول مستقبل الأبحاث العلمية في عصر الذكاء الاصطناعي.

لكن في المقابل، حذر الخبراء من مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كأداة تحليلية مستقلة في مجالات علمية معقدة. فهذه النماذج، رغم قدراتها الحسابية، تفتقر إلى التفكير النقدي والفهم السياقي العميق، وتعتمد على أنماط إحصائية لا يمكن اعتبارها بديلاً عن المنهج العلمي القائم على التجريب والمراجعة.

ويحذر الأستاذ في العلوم البيئية مارك نيف من “وهم الحياد” الذي يمنحه الذكاء الاصطناعي للقراء، قائلاً:

“النماذج اللغوية مثل غروك 3 تُنتج نصوصًا منطقية ظاهريًا، لكنها تفتقر إلى الفهم الحقيقي للبيانات، ما يجعلها غير مؤهلة لقيادة نقاش علمي جاد.”

وتشير التقارير إلى أن إعداد الدراسة تم بمساعدة عدد من الباحثين، من بينهم الفيزيائي الفلكي ويلي سون، المعروف بعلاقاته السابقة مع قطاع الوقود الأحفوري وتمويله من شركات الطاقة، ما يثير شبهة التحيز في النتائج.

من جانبه، شدد عالم المناخ في وكالة ناسا غافين شميت على أن “الدراسة تفتقر إلى المصداقية العلمية”، بينما حذّرت ناومي أوريسكس، أستاذة تاريخ العلوم في جامعة هارفارد، من أن “الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم لتغليف الدعاية في مظهر علمي محايد، مما يخلق انطباعًا زائفًا بالتجديد والموضوعية.”

في النهاية، يسلّط هذا الجدل الضوء على تحدٍ جديد في عصر الذكاء الاصطناعي: كيف يمكننا ضمان أن تظل أدوات التكنولوجيا خاضعة لقواعد البحث العلمي الصارمة، لا أن تتحول إلى وسيلة للتأثير على الرأي العام أو إعادة صياغة الحقائق؟

مشاركة

موضوعات ذات صلة